صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ماما الدر.. اي دمع يوازي الفجيعة..؟؟

61

زفة ألوان
يس علي يس

* صعب أن تبتلع طعم الوجع؛ وانت تلوح بالوداع الاخير لانسان كم ملأ جنباتك بالتفاؤل والامل والابتسام؛ وكم هو قاس أن تتلقى نبأ الرحيل في صمتك وفي وجعتك؛ وفي امواج من الهموم المحيطة بك؛ وانت في مركب كان هم ربانه ومجاديفه ورياحه واشرعته؛ ويا للفجيعة بالفقد وياللوجعة بالرحيل؛ حين نعى الناعي الاستاذة المربية الفاضلة والام الحنون الرؤوم الدر عبد الله محمد علي شقيقة البابا الطيب عبد الله زعيم امة الهلال والذي شج امسياتنا كحجر؛ وفطر قلوبنا كبشر يدركون أن الموت هو سبيل الاولين والاخرين؛ ولكننا نفجع حين ترحل مثل ماما الدر هكذا بلا مقدمات وبلا سابق انذار لتتركنا ريشا في مهب الريح؛ وخوفا على ارصفة المدينة الباردة القاسية..!!
* لست أهلا للحديث الطويل المفصل عن الاستاذة الدر عبد الله ام الاهلة؛ فقد كانت دارا لمن لا دار له وملاذا لمن فقد الملاذات وامانا لكل الخائفين؛ حرصت طوال سنين عمرها ان يظل بيت الزعيم مفتوحا على مصراعيه؛ لكل الرياضيين وخصوصا الاهلة؛ تجعل من نفسها قاسما مشتركا للجميع؛ تقدم ابتسامتها الانيقة والمرحبة؛ وكلمات الامومة للجميع؛ تحتويك بدفء الاطلالة؛ ثم بحنو الحديث حتى تمسح الكدر عن جبينك وانت في قمة الرهق والتعب والصراعات؛ فلا تجد الا أن جبالا قد انزاحت عن صدرك وهي تبادلك الحديث وتطرح عنك ما يعتمل بصدرك..!!
* سنفتقد خطواتها وهي تجوب المكان؛ وتملؤه دفئا وحيوية؛ وهي تقلب صفحات الجرائد وتطمئن على الهلال من خبز المطابع؛ وتلاحق هذا وذاك بإصلاح ذات بين؛ وتصفية اجواء؛ سنفتقد ملاحظاتها على ما يدور في الساحة؛ ونفتقد رأيها السديد الذي تشربته من الايام والتجارب؛ سنفتقدها في بيت الزعيم وطن الهلال والاهلة؛ والارض المحايدة التي تعني ارضا سلاح؛ وحبا سماح ..!!
* رحلت ماما الدر ولم تفجع فيها اسرتها وحدها؛ بل فجع فيها الوطن الكبير السودان حين اختارت التربية والتعليم معلمة؛ وحين اختارها الوطن لتمثله في السفارة السودانية بالقاهرة؛ وتلك حكايا من الرقي والتعامل والانسانية لا يحصرها كتاب؛ ويكفي أن تذكر الالسنة افضالها بنفسها؛ ليكون توثيقا لحياة حافلة سيرة ومسيرة؛ خطتها ماما الدر بافعالها ولم تتحدث كثيرا؛ فهي من الناس الذين يبذلون بصمت ويقدمون بصمت لذلك لم يكن غريبا أن ترحل بصمت أمسية اليوم المبارك الجمعة..!!
* ربما تتزاحم في لحظة الكتابة الكثير من المواقف وتضطرب الحكايا تباعا كل يبحث عن شرف الاندلاق في حضرة ماما الدر وفي يوم افتقدناها فيه؛ حين ودعت الدنيا؛ وتركت من خلفها ارثا كبيرا ومسئولية عظيمة نكاد نئن منها ومن حملها وقد حملها جسدها النحيل ونفسها العظيمة سنوات وسنوات دون أن تكل او تمل..!!
* نعزي أنفسنا اولا بهذا الرحيل الفاجعة؛ ونعزي أسرتها الاستاذ علي ونعيمة عبد الله وبناتها الدكتورة تيسير وزوجها وابنائها وسارة ورحاب؛ ونعزي الاسرة الهلالية ممثلة في الحكيم طه علي البشير كبير الهلال والاخ ميرغني ادريس؛ والسيد محمد حمزة الكوارتي وكل الاهلة الشرفاء الذين ظل هذا البيت قبلة لهم ودارا وملاذا..!!
* رحلت ماما الدر.. فأي دمع يوازي الفجيعة..؟؟
* إنا لله وإنا اليه راجعون..!!
* أقم صلاتك تستقم حياتك..!!
* صل قبل أن يصلى عليك..!!
* ولا شيء سوى اللون الأزرق..!!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد