صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

مذكرات ومذاكرات من أزمة المريخ (٦)

107

مذكرات ومذاكرات من أزمة المريخ (٦)

خاص كورة سودانية
– أبوعاقله أماسا
* بالإضافة إلى الأسباب التي سردناها في الحلقات الأولى فإن هنالك أسباب أخرى وقوية أدت لأن يكون المشهد الراهن في المريخ أشد تعتيماً وقتامة، وقد ذكرنا منها في المرة الماضية أن التناقضات الكثيرة أفرزت مريخين:
الأول: مريخ إفتراضي بحسب طموحات البعض وأحلامهم، ترسمه مجموعات الأنصار في مواقع التواصل الإجتماعي والروابط الخارجية وبعض أقطاب دول المهجر، والأغلبية تفترض شخصية عالمية للنادي بحسب ماهو مشاهد في أندية العالم المتطور.. يبدأ بإستاد كبير وأنيق، ومجالس إدارات تضاهي في تفاصيلها وممارستها سكرتارية الأمم المتحدة وحجم إنفاق عالي وتعاقدات بملايين الدولارات وتواجد مستمر على منصات التتويج محلياً وخارجياً.
* هذه الصورة الحالمة تنقصها بعض التفاصيل لتتحول إلى هدف منشود يعمل الجميع من أجل الوصول إليه.. ولكنه يظل في حيز الأحلام الوردية لأن الأغلبية من رواد مواقع ومجموعات التواصل الإجتماعي لايملكون عضوية النادي، وهي بمثابة الجنسية وجواز السفر الذي يؤكد الإنتماء ويؤهل كل شخص ليلعب دوره المنوط به في أي تغيير قادم.
* المريخ الثاني هو الواقعي الذي نعيشه بوضعه المذري والمتأخر جداً من حيث أطر ومفاهيم الممارسة، وتنظيم السلوك على هدى الإحتراف بالنسبة لكافة المكونات (إداريين، أقطاب، إستشاريين، فنيين، إعلام ومشجعين)، ولأننا بعيدون ومتخلفون في ممارستنا لهذه التفاصيل إختلطت الأدوار بصورة مخلة، ورأينا أقطاب يمارسون دور (السماسرة) على النادي ويتكسبون منه، وإداريين ينتحلون ويتغولون على دور الفنيين في الشطب والتسجيل ويتقمصون دور القانونيين ويصيغون عقود اللاعبين والمدربين، وكذلك أصبح معظم المشجعين كتاب أعمدة ونقاد وصحفيين يكتبون الخبر والمقال والرأي والتحليل بمؤهلات خاصة لا يقبلون عليها النقاش، وبذلك حدثت فجوة كبيرة… بل هوة رهيبة ومرعبة بين مجالس الإدارات والقواعد الجماهيرية فيما يخص تدفق المعلومات.. والمريخ الواقعي لخصنا قمة كوارثه في الحلقات السابقة بأن مجالس الإدارات الأخيرة لم تجد إرثاً إدارياً محترماً تبني عليه حتى في دولاب العمل اليومي، والمدهش أن عمل المكتب التنفيذي يوحي دائماً بأنه مخترق، إضافة إلى حالة إرتباك كبيرة في الأداء الإداري حتى في الأيام التي شهدت إستقرارا مالياً غير مسبوق.
* من ملامح الراهن العجيب الذي يمر به المريخ اليوم، مما يعقد تفاصيل المشهد أن الأجندة والأهداف بين الأفراد والجماعات قد تقاطعت بصورة مخلة، وبات التمييز بين مواقف الحريصين على مصلحة الكيان العليا وأولئك الذين يقاتلون من أجل مصالحهم الخاصة متداخلة أمراً في غاية الصعوبة، وحتى الدوافع الخاصة للمساندة أو المعارضة مرتبطة بظواهر جديدة على المجتمعات الرياضية… ويظهر ذلك بوضوح فيما يخص المجلس الحالي، حيث أن الكثيرون يعتقدون أنه دون الطموحات، ولكن ما تأكد بمرور الأيام أن أهدافاً جهوية أخرى قد أقحمت في الصراع ليتحول، أو بالأحرى (ينحرف) إلى إتجاه آخر يتحاشى الناس أن يعبروا عنه بصدق وشفافية لأنه من باب (الممنوع) و (المسكوت عنه) في مجتمعاتنا عامة، ولكننا لا نتردد في خرق ذلك وتناوله طالما أن هدفنا الأول هو التصحيح والإصلاح والخروج من الوحل الذي دخلناه.
* هنالك إجماع على أن هنالك إخفاق إداري في المريخ وقصور كبير.. وفشل عام أشرنا إليه سابقاً وسنورد تفاصيل له لاحقاً، ولو ركز الناس على ذلك لإسقاط المجلس الحالي لما كلفهم كلما كلف من كلمات ومشاركات ووقفات إحتجاجية، ولأن المعارضة قد فلتت من يدي النخب وآلت لبعض الذين يمثلون حالة (الهياج الجماهيري) تجاوز بعضهم كل المعقول وعبروا عن رفضهم للمجلس ببعض العبارات الجهوية والعنصرية الصريحة، والتي تجاوزت المجموعات ووصلت لبعض قيادات المجلس فكان لها رد فعل ولو لم يأت عنيفاً وظاهراً.
* المخيف في الواقع المريخي أن الذين فشلوا في الخروج من الإستقرار المالي النسبي الطي حدث في عهد جمال الوالي بمكاسب إدارية تحسب للمريخ، فشلوا أيضاً في إضافة شيء للمريخ بعد خروج الرجل وابتعاده من رئاسة النادي، وكانت النتيجة التي توجت فشلهم خروج حزين لأسامه ونسي.. وكارثي لمحمد الشيخ مدني وخروج غير مأمون العواقب لسوداكال.. كان ذلك عبر إنقلاب مسلح بالألفاظ أو الإنتخابات.. لأن المريخ الإفتراضي هو العائق الأكبر لأي إصلاحات في المريخ الواقعي..!
قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد