صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

مذكرات ومذاكرات من أزمة المريخ (2)

107

مذكرات ومذاكرات من أزمة المريخ (2)

خاص كورة سودانية
– أبوعاقله أماسا

* كتبنا في المرة الفائتة فذلكة لأزمة المريخ، والراهن المرير والمعقد، وحاولنا تذكير الناس، إبتداءً بالمعارضين للمجلس الحالي، والمتذمرين مما يجري في النادي الأحمر، وهم يتحملون الجزء الأكبر مما يحدث، وذكرنا أنهم كانوا من الشاهدين على ظهور الرجل في الساحة المريخية، ومنهم من قدمه ولمعه، وبالتالي فإن التظاهر بالإمتعاض الآن يعتبر تمثيلية غير مقبولة، فقد ترشح علانية ولم يظهر له منافسين، في ذلك الوقت الذي كنا ندرك فيه أنه لا مجال لإنتاج مشاهد التعيين القديمة، وأن واقع المريخ – بل والأندية السودانية كافة – يفرض عليها أن تتمرن جيداً لممارسة الديمقراطية وإن فشلت تعيد المحاولة مرات ومرات حتى ترتقي بممارستها، ليس لإرضاء أحد، وإنما هي الطريق الأسلم والذي يسلكه عالم كرة القدم الآن إبتداء من الإتحاد الدولي الذي لا يعترف بالحكومات، ولايتردد في إنزال العقوبات بمن يسلم رقبته لها.
* مع ذلك.. كانت أبواب العضوية مفتوحة منذ أيام رئاسة محمد الياس محجوب، وطيلة سنوات رئاسة جمال الوالي وأسامه ونسي وحتى سوداكال، ولم ترفع قيمة الإشتراك عن عشر جنيهات فقط عن الشهر الواحد ولم تتجاوز عضوية النادي المؤهلة للجمعيات العمومية عن الألف عضواً، وهذا دليل آخر على عدم تناسق المجتمع المريخي والتباين الغريب بين الشعارات المرفوعة والأقوال وما يحدث في قروبات الأنصار من جلبة وضجيج وعنف لفزي واحتكاكات وتصفيات مع واقع الممارسة، وهنالك تناقضات أخرى تدل على أنهم لم يربطوا الإنتماء بمسألة العضوية، لذلك، كنا نجد أسماء كبيرة من الأقطاب الذين يدعمون مسيرة النادي سنوياً بمئات الملايين حباً وعشقاً للشعار، ومع ذلك هم ليسو أعضاءً في الجمعية العمومية، وكذا الحال بالنسبة لأسماء كبيرة وناشطة في العمل الإداري ضمن الكوادر القيادية والوسيطة ومعظمها يسقط عن كشوفات العضوية المؤهلة لحضور الجمعيات العمومية لأنها لا تربط بين الأمرين ولا تمنح البطاقة أهمية ورغم سخائهم عجزوا عن دفع مبلغ يسير يمدد إشتراكاتهم لعشرات السنين.. وما حدث الآن لعله يكون قرعاً لنواقيس الخطر إذا استمرت رؤية الناس للعضوية بهذا المستوى، ولا مفر من الإعتراف بأهمية الحصول على مقعد ضمن جمعية النادي العمومية والإرتقاء بها لأنها تمثل وجهاً حضارياً وما حدث في الجمعيات الأخيرة كان عبارة عن فوضى غير مشرفة ومازالت مشاهدها تلامس مكان الوجع، وآثارها الكارثية تترى على المريخ، والخسارة في إتجاهين أولها أن الجمعية لم تتمخض عن نظام أساسي يعتد به المريخاب، وفي نفس الوقت كان سببا في إنقسامات خطيرة وعاصفة وبأسلحة متنوعة ومحرمة لم تحدث في التأريخ القريب، وكانت وجهاً من الهرج والمرج يعكس حقيقة ما وصلت إليها الأوضاع في هذا النادي المأزوم.
* مجتمع المريخ بشكله الراهن غير مؤهل تماماً لإحداث تغيير يلبي الطموحات، وهنالك حقائق كبيرة ومهمة غائبة على الشارع المريخي أهمها أن التعيين بشكله القديم لن يكون خياراً من خيارات الخروج من هذه الأزمة، ولو ارتضت المكونات هذا الخيار بما فيها الإتحاد السوداني لكرة القدم  فذلك يعني أن يتنازل النادي عن دوره الرائد في قيادة التغيير عبر إنتخابات الإتحادات إلى أن يوفق أوضاعه ويتحرر من وحل الأزمات ويتوصل إلى قيادة منتخبة، لذلك من المعقول أن يكون الحديث بفهم إستراتيجي بعيداً عن حالة الهياج الجماهيري والإنفعالي الذي يؤثر في مجريات الأمور، وعندما نتحدث عن ضرورة الخروج من العقل الجماهيري نتذكر أن نادي المريخ بكل تأريخه قد خسر قيادته بوفاة عدد من الأسماء التأريخية الكبيرة، والتي كانت تتميز بقدر من الوعي والحكمة والكاريزما، مثل مهدي الفكي وحسن محمد عبدالله، مع ابتعاد بعض الأسماء القادرة على رسم إطار تتحرك داخله مجالس نادي المريخ وظهور مجموعة في مجلس الشورى السابق قدمت تجربة غير جادة في التعامل مع أحداث النادي، ورغم القرار الجائر بحلهم كان وجودهم مفيداً داخل النادي، ولكنهم التزموا منازلهم وأصبحوا يتعاملون مع الكيان عبر الوسائط فقط وهنا يوجد قصور.. من المجلس ومن تلك العناصر وهم مشتركون في الخطأ.. ولأول مرة في تأريخ المريخ نفقد تلك النخبة التي تتحدث بحب عميق عن الكيان بلا محركات جهوية وبدون إقحام العبارات العنصرية، ولأول مرة في تأريخ المريخ المعاصر نشعر أن مجتمع الناجي قد أصابته عدوى السياسة، وأمراض التصنيف والتلوين، ولأنها حالة شاذة وفريدة وخطيرة قلنا أنه بحاجة إلى عودة القيادات الرشيدة التي تتمتع بالقبول النسبي من أجل إخراج الناس إلى النور بعيداً عن التحديات والعناد… ودون ذلك فإن الغد يبشر بماهو أسوأ.
* هنالك حقائق لابد من الوقوف عندها وابتلاعها برغم مرارتها، ومن تلك الحقائق أن نادي المريخ ليس مثل سائر الأندية السودانية، وليس مثل الأندية التي يديرها البعض من حقيبة يد صغيرة تحتوي على بضعة أوراق وختم، نادي المريخ ياسادتي نادي جماهيري كبير، وهو أكبر من الفهم التقليدي لدى السودانيين للأندية الرياضية، وما لم يرتكز هذا الإرث على جملة عادات وتقاليد.. وتستند على مفاهيم إحترافية فما يحدث الآن هو بداية فعلية للإندثار.. فاربطوا الأحزمة..!

……. تابع…..

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد