صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

من كتبها

21

ضياء الدين بلال

1-
نُعاني عجزاً مُزمناً في إدارة خلافاتنا في كل مناحي الحياة: السياسة والاقتصاد والرياضة، وحتى في الأنشطة الاجتماعية.
عقليّتنا مُغلقة ومُعانِدة، لا تقبل المساومات الذكية التي تُقلِّل الخسائر وتُعظِّم المكاسب؛ عقلية تبني على أسوأ الاحتمالات، لا على أفضل الفرص، عقلية تعتبر التنازل ولو جزئياً مُؤشِّر ضعف وخور!

-2-
لذلك عادة ما تنتهي غالب الخلافات والصراعات، إلى نتائج عدمية وخسارة كبرى يتقاسمها الجميع.
عجزنا عن إدارة الخلاف بيننا في كل الشراكات والأعمال الجماعية، داءٌ وراثيٌّ قديمٌ لم تسلم منه الأحزاب السياسية والفرق الغنائية والجمعيات التطوعية والطرق الصوفية ووو، لا عاصم وطني ولا أخلاقي من الانقسامات .

-3-
أن يكون هناك اختلافٌ وتباينٌ في وجهات النظر بين مكونات قوى التغيير، أمرٌ طبيعيٌّ ومُتوقَّع.
هو تحالفٌ بين طيف سياسي واسع على قاعدة الحد الأدنى.
ما لم يكن مُتوقَّعاً أن تصدر وثيقةٌ أساسيّةٌ ومركزيّةٌ في ظرف حرج ودقيق، تُعبِّرُ عن موقف ورؤية التحالف في قضايا مُهمَّة وخطيرة.
تُقدَّم هذا الوثيقة لطرف ثانٍ وهو المجلس العسكري، وقبل أن يشرع في قراءة نص الوثيقة، وقبل الإجابة عليها، فإذا بمُقدِّميها ينقسمون على أنفسهم بين رافضٍ ومُتحفِّظ ومُمتنعٍ عن التعليق؟
حزب الأمَّة الذي يُمثِّل أكبر كتلة جماهيرية داخل قوى التغيير، سجَّل موقفاً رافضاً للوثيقة، وقال إنها لا تُمثِّله ووضع شروطاً لاستمراره في التحالف تحت قيادة مُتَّفق عليها.
حزب المؤتمر السوداني تحفَّظ على بعض ما جاء فيها، وقال إنها كُتِبَتْ على عجل، وافتقدت الدقة في بعض بنودها .
وفي كُلِّ هذه المواقف ظلَّت القوى الحاملة للسلاح والمُنضوية في التحالف، تحتفظ لنفسها بمسارات خاصة وخطاب مُختلف وصمتٍ مُريب.
حتى الموقف من لجنة الوساطة، حمل ذات الاختلافات والتنازع.. الأمة يقبل والشيوعي يرفض وتجمع المهنيين يقول: لا نحتاج إليها.

-4-
المجلس العسكري قرَّر أن يردَّ اليوم على الوثيقة بوثيقة أخرى مُقدَّمة من جانبه، تُوضِّح نقاط الاختلاف والاتفاق.
كان على المجلس قبل أن يشرع في الرد، أن يُرجع الوثيقة إلى أهلها ويطلب منهم تقديم ما هم متفقون عليه.
كيف يردُّ المجلس على وثيقة باتت لا تُمثِّل غالب مُقدِّميها، ولا يعرف أحدٌ من كتبها وبلسان من تتحدث؟

-أخيراً-
إذا استمرَّ وضع قوى الحرية والتغيير بهذا المستوى من الاضطراب والارتباك وعدم الاتساق في القضايا الكبرى، سيضعف تأثيره في الشارع، وسيهون أمره لدى المجلس العسكري.
وليس من المستبعد أن يفقد دوره كمُعبِّر عن المعتصمين وقائد للحراك، وربما اختار المعتصمون قيادة خاصة بهم بديلة لقوى التغيير.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد