* لعن الله الضعف البشري، وقاتل الحنين واللوعة والخوف من مصير مجهول، فما أسهل تعاطي مفردات اللامبالاة وإعلانك للملأ بأنك غير آبه بما يمكن أن يحدث غداً نتيجة قول يخرج للناس اليوم علناً..!!
* مقطع واحد من أغنية كفيل بأن يعيد للأذهان سيناريو انفصال الجنوب منذ أن كان فكرة يرأها الناس أبعد من الوصول لسطح القمر، وما دروا أن الجلوس على طاولة مفاوضات لبضعة شهور يقودك لفقدان ما ظللت متمسكاً به رغم ضراوة الحرب لعشرات الأعوام..!!
* إن كان ما آل إليه حال دولة جنوب السودان أمراً مؤلماً، لا سيما وأن )البحث عن الضغط( لتحقيق السلام هو الوسيلة الوحيدة حتى يوم أمس واجتماعات رؤساء أركان مجموعة الإيقاد المنعقدة بالخرطوم لم تخرج من الدعوة للضغط على الفرقاء بغية الوصول لتوقيع اتفاقية سلام نهائي؛ فإن مصافحة أذنيك لأغنية )وطن الجدود( بنصها باذخ الجمال يمثل أمراً أكثر إيلاماً، فكلمات محمد عوض الكريم القرشي بعد كل هذه السنوات من تاريخ كتابتها تنكأ الجراح، وصوت عثمان الشفيع يدغدغ المشاعر وهو يتبتل في محراب الوطن منشداً:
حذاري أن وطنك يضام
حذاري أن يصبح حطام
)فلنتحد( ويجب نعيد
لوطنا أمجاد الكرام
هيا يا شباب )ضموا الجنوب(
القافلة سارت لن تؤوب..!!
* عذراً عزيزي محمد عوض الكريم القرشي:
نعم القافلة سارت، ولكن للوراء.. تغيرت الخارطة.. تبدل الحال.. اختلت المعايير.. ولم يعد الدعاء لضم جنوب السودان للمشاركة في صد )الباغي الشقي( ذا جدوى، فالحقيقة التي يجب أن تعلمها جيداً أن الجنوب انفصل و)فرز عيشته( وأصبح دولة قائمة بذاتها حتى ولو كانت )قائمة على الانقسامات والحروب والقتل والتشريد والدمار والعصبية واللا استقرار(..!!
* عزيزي )ود القرشي(: حروفك معبرة ومشاعرك صادقة لا شك في ذلك البتة، ولكن للأسف انتهت مدة صلاحية الدعوة لصد )الباغي الشقي( لأن العدو لم يعد يأتينا من الخارج بل أصبح يخرج الينا من ضلوعنا.. نقدر وطنيتك ونتفهم استشعارك للخطر وأنت تدعو للذود عن حياض الوطن و)رفرفة العلم الأبي(.. القصة يا )ود القرشي( دخلت نفقاً مظلماً، وباتت الدعوة تنطلق للتشتت والأصوات تمضي دوماً نحو التشرذم، والجنوب المنشق نفسه تهدده انشطارات جديدة؛ والفرقاء يجتمعون لينفضوا، ودعك من الجنوب )القرر مصيرو( الآن ولننتبه لما تبقى من أجندات ومخاطر وسيناريوهات و)الجفلن خلهن اقرع الواقفات(..!!
* عزيزي محمد عوض الكريم القرشي: بات )الامتحان( والابتلاء يتمثل في الصبر على ما لا يمكن أن يخطر على بال.. اختلفت )الاختبارات( وتبدلت )الأسئلة( وتغيرت )الخيارات(، وأصبحت الكتابة في المكان المخصص للإجابات محرمة على )أهل الوجعة( لأن )الهامش( قد تمدد، و)المستطيل( اتسعت رقعته، فعبارة )لا تكتب داخل هذا المستطيل( تشمل كافة أجزاء )ورقة الإجابة(، ومطلوب منا )عدم الرد على الأسئلة( وفي نفس الوقت )إحراز الدرجة الكاملة(، ورحم الله زمنا كنا )نمتحن( فيه ونبتلى لأجل بذل الروح رخيصة من أجل الوطن بلا ثمن، والآن دخل الجميع )المزاد(، ومن لم يبع أو يسع للشراء هللوا له بوصفه )الوطني الأوحد( وهو يخدعهم بألف هتاف وشعار، وبعد طول زمن اكتشفوا أنه سمسار..!
نفس أخير
* وطن الجدود نعم الوطن
خيراتو كم يتدفقن
آن الأوان أن نمتحن
في سبيله لا نطلب ثمن