صابنها
محمد عبدالماجد
مهند ميرغني ..حسدت المريخاب فيه
· قبلها قلت لكم ان (الموت) مثل (كراسي) الفصول و (كنب) المدرسة عندما يكون (خاليا) في الاجازة الكبيرة…يحمل شيء من الوجع ويعاني من الوحدة والوحشة والفراغ.
· ومع ان (الود) كان مفقودا بيننا وبين (المدارس) ، إلّا اننا كنا في (الاجازات) نحمل (حنينا) كبيرا للفصول ،وشبابيكها ونشتاق للدراسة وكتاب (الجغرافيا) عندما يشاركك فيه (زميلك) في الفصل فتصنع هذه المشاركة (الفة) قوية تبقى مدى العمر.
· كنا نلاحق صفحات الكتاب ونطارد (الذكريات) التى تكتب على صفحاته ونجد بين تلك الاسماء التى تكتب عليه من دخل كلية الطب ومن اصبح تاجرا ومن هاجر وغادر البلاد.
· مازلنا بعد هذه السن نحمل ذات (الحنين) …لحوش المدرسة …ولغفيرها الذي دائما ما يكون (صبوحا) ، كأنه خلق هكذا ليقدم (الصباحات) في وجهه ، ونحن نلهث ونجرى لنلحق بطابور الصباح.
· اذكر في اجندتي المدرسية (رومبيك) غفير مدرسة (المك نمر) بقامته الطويلة وهلاليته الجميلة وضحكته التى كانت تغطي الشوارع وهو يغالط ويناقش ويدافع عن (المؤسسة) النيل شندي. ولا ننسى (رومبيك) عندما يتحدث عن الهلال بكل الادب والرقي الذي كان يسحرنا به ونحن نقف في محيطه وهو يحدثنا عن الهلال الحلم والأمل والمباراة التى لعبت ونحن نستمتع بذلك الحديث وكأننا نستمع للفنان عثمان حسين ، او كأننا نشاهد (منصور بشير تنقا) بتفة شعره الكثيف جاري قدامنا.
· الموت – مع كل (الانتصارات) التى حققها علينا وهو يخطف منّا الاعزاء والأخيار ، مازلنا نتعامل معه (بغربة) جارحة ..ولم نبارح بعد محطة ان نتغابى فيه (العرفة).
· بننكره (حطب).
· لكن كل مرة يشيل مننا (عزيز).
· في 17 اغسطس مضت ثلاثة اشهر على رحيل (الدفعة) الصديق الحبيب مولانا عبدالفتاح بشير فحل – لم استوعب حتى الآن ان اذهب الى بيتهم ولا اجده بشاشته التى كانت تسع الجميع.
· شندي بدون عبدالفتاح زي الما شندي …تبقى مدينة تانية …لا بعرفها ولا بتعرفنا.
· حتى الآن – اهرع الى (التلفون) ، افتح قائمة الاسماء واشرع في ان اضرب اليه – كم اشتاق الى (صوته) ..الى (تفاؤلاته) التى مازالت تمثل لنا (فسحة) نلهو ونلعب فيها.
· كان افسحنا املا.
· عندما اصطدم بجدوى عدم الاتصال به لأني لن اجد ردا منه – اذهب الى (الرسائل) لتصفح بعض كلماته التى كان يرسلها لنا…وكانت تمثل عندنا (الترياق).
· مولانا عبدالفتاح رحل في حادث حركة في شهر رمضان الماضي وهو في طريق عودته الى شندي من الفاشر لقضاء اجازة العيد بين اسرته وطفلتيه الصغار- كان ذلك في يوم الاحد 23 رمضان – والجرح مازال ينزف.
· اعاد الى هذه الاوجاع التى لم تنقطع رحيل الشاب مهند ميرغني – لا اعرفه ولا ادعى ذلك الشرف – لم التق به في حياتي – لكن وجدت (وجعته) تصدّر لي من اخوة في المريخ.
· مهند ميرغني زي كأنو بعرفو ..مشيت معاه ..وشربت القهوة …ودخلنا الى الاستاد سويا.
· وجدتهم يكتبون عنه بوجع كبير ، فصرت اسبقهم في (الوجع) عليه.
· لاحظت ذلك في صوت معاوية الجاك ، وأنا اسأله عن مهند ميرغني فيحدثني عنه بصورة مدت جسور المعرفة بيني وبينه لسنوات طويلة – كأن بيننا (عشرة وملاح) ، وأنا لم اسبق ان إلتقيت به.
· هل يمكن ان (نتوارث) الاوجاع بهذه الطريقة؟ – ام ان هذه (اتفاقية) حزن جديدة؟ ، اصبحت تأتي علينا من تلك المداخل.
· مالها (الاحزان) بقت تمسك في (هدومنا) كلما جاءت سيرتها.
· تشبك فينا زي (الشفع).
· بقت (الاحزان) تتلحنا كدا في الطالعة والنازلة.
· وجدت هشام عزالدين يبكي مهند ميرغني على صفحته ، فتلصصت الى ذلك (البكاء) وصرت شريكا فيه.
· مازلت احترم في الناس (احزانهم).
· قرأت لبابكر سلك الذي تحفزني دائما احرفه اليه وهو يكتب عن مهند ميرغني : (ناس رابطة المريخ بقطر ..والله لو كان العمر يشتري ..لاشتروا له سبعة الف سنة اضافية ..احسنوا استقباله وتسابقوا في اكرام ابن الاكرمين ..وتفانوا في خدمته ومرافقته وممارضته ..نعم الرحيل الحبيب مهند ..حينما يكون المودعون اخوتك من رابطة المريخ بقطر …اللهم ارحم عبدك مهند يا كريم..انه ضيفك ..(فوالذي) نفس محمد بيده ..لو جاني مهند ضيفا أنا الفقير إليك لأكرمته حد الكرم ..فكيف هو ضيفك يا رحمن يا رحيم يا كريم..اللهم إنا نشهد له بنقاء السيرة والسريرة والكرم وحب الناس ونشهد له بالشجاعة والتفاني والنضال ..كيف لا نشهد لون انسى مرابطته بالمحاكم دعما للثوار ايام الحراك).
· وأنا اعرف سلك لا يستعمل (فوالذي) دي إلّا اذا كان ممكون شديد.
· شهدوا له بنضاله …وبحراكه الثوري …وهذا يكفي لأن يكون له علينا (دين).
· هذه الاعترافات وذلك الحزن الذي اشعل مواقع التواصل الاجتماعي وأغرقه ..لا يخرج من فراغ.
· لا بد ان الشخص الذي تسبب في ان يجعل الحزن (شعور عام) يمتلك من الصفات والمميزات ما يجعله اهل لهذه المكانة الرفيعة التى بلغها وهو (ميتا) فيكف وهو (حيا) بين الناس.
· مجتمع المريخ وقروباته والكثير من اعلامي المريخ شهدوا له بمريخيته (المعتدلة) او قل (الصارخة) فليس في ذلك حرج.
· نشروا له صوره وهو بشعار المريخ – وبين جماهيره في المدرجات يلوح بعلامة النصر.
· ونشروا له كذلك صوره وهو يمتطي فرسه ، وقالوا انه كان (الفارس النبيل)..الذي كان يوزع وقته وجهده في خدمة الناس وفي افعال الخير.
· لم احسد المريخ في شيء من قبل.
· لم احسدهم في كمال عبدالوهاب وهو يمارس (الجراحة) في المستطيل الاخضر.
· ولم احسد المريخ في الاسطورة (حامد بريمة) ، واستاذنا نبيل ابودرق في (المك نمر) كان عندما يعاتبني ويحاسبني بعد الدورة المدرسية يقول لي (انت قايل نفسك حامد بريمة – انت فاضي لي من الكورة).
· لم احسد المريخ في فيصل العجب.
· ولا في احمد التش.
· حسدت المريخ في (مهند ميرغني) – حتى وهو يرحل من هذه الدنيا مخلفا كل تلك السيرة العطرة.
· سهير عبدالرحيم كتبت قبل رحيله ..ترفض فكرة ان يرحل مهند ميرغني وتصارع من اجل اثبات (حياة) له.
· والدكتور علي الكوباني نعاه بكلماته التى تلبث دائما الثوب الابيض وتأتي على قدر المقام كتب : (نشهد اللهم ان عبدك مهند كان طيب القلب وحلو المعشر .. عفيف اليد واللسان..ودائم الابتسامة وكريم وأجواد وحريص على التواصل مع اهله واحبابه ويوقر الكبير ويرحم الصغير.. اللهم انه في رحابك وانت أرحم الراحمين.. وانه في جوارك وانت أكرم الاكرمين فأفض عليه يا مولانا من فيض كرمك ولطفك واحسانك ورحمتك التي وسعت كل شي.. وان تجعل البركة والصبر الجميل في أهله واحبته ومريدوه ..وإنا لله وإنا اليه راجعون والحمد لله رب العالمين..).
· الشفت هيثم كابو – لا بد من انه يهيم في (غابات) حزنه الطويل على هذا الرحيل المر…خشيت على كابو من التواصل معه.
· سرني في مهند ميرغني انه كان (حزب الامة) – كان (انصاري) ، وأنا لا املك للذين يينتمون لهذا الحزب غير (الاحترام والتقدير) بغير ما نكتب عندما نهاجم الصادق المهدي او ننتقد الحزب.
· لقد عرفت (مهند ميرغني) بعد رحيله ..وتأسفت على اني لم اعرفه قبل ذلك ..ليخصم ذلك من (رصيدي) الكثير.
· لكن ان تكون سيرة (شاب) في مقتبل العمر ..بضحكته (المشعة) ، و (اريحيته) التى تبدو في الصور وتوزع على الناس في مواقع التواصل الاجتماعي بعد رحيل فان هذا امر يحسب لهذا الفتي ويكتب ان شاءالله في ميزان حسناته.
· نسأل الله الرحمة والمغفرة لمهند ميرغني …ونثق ان الله سبحانه وتعالي سوف يضعه في المكانة التى يستحقها ، بعد ان وضعه الناس في قلوبهم ومنحوه كل هذا الحب والتقدير.
· هذا الحزن العريض خلفه رحيل مهند ميرغني رغم رحيله بعد عناء طويلا وبعد ان مكث في العناية المركزة لفترة طويلة لكن مع ذلك كان خبر رحيله (صدمة) لكل الذين يعرفونه – بل كان صدمة حتى للذين لا يعرفونه وأنا واحد منهم.
· اللهم اذا رحلنا واذا قبضت الارواح وتمت الاجال – اجعل لنا تلك (السيرة) العطرة ، واخلف عنا بهذا (الطيب) الذي خلفه رحيل مهند ميرغني.
· ولا حول ولا قوة إلّا بالله.
· ولا شيء ينفع.
· ولا شيء يبقى.
· غير (العمل الطيب) – فهل نتعظ من تلك الدروس …ونتعلم منها.
· ام ان غشاوة الدنيا مازالت تقودنا الى (الهشيم)؟.
· ……………
متاريس
· لا شيء بعد ذلك يقال.
· غير ان تبقوا الصمود.
· ……
· ترس اخير : ولله الحمد اولا واخيرا ولا حول ولا قوة إلّا بالله.
تظل كبير وهكذا الرياضه اخوةتسامح محبه ولا هلال بلا مريخ والاتنين عينين في راس واحد وفخر للبلد