صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ود بريمة حارس أصيل .. ود بريمة ما ليهو مثيل

134

هلال وظلال
عبد المنعم هلال

ود بريمة حارس أصيل .. ود بريمة ما ليهو مثيل

 

ـ بهذه العبارات كانت إحدى المغنيات تصف الحارس العملاق حامد بريمة الذي لم يكن مجرد حارس مرمى بل فناناً يعزف أجمل الألحان في صد الهجمات وإنقاذ مرماه من أخطر الكرات.
ـ هلاليتي لا تمنعني من الكتابة عن الراحل حامد بريمة حارس المريخ والمنتخب الوطني، وأحد أفضل الحراس الذين أنجبتهم الكرة السودانية فقد كان نموذجاً للحارس المميز بمهاراته العالية وردود أفعاله السريعة وقيادته الحكيمة داخل الملعب فضلاً عن نقاء معدنه وأخلاقه الرفيعة التي أكسبته احترام الجميع داخل المستطيل الأخضر وخارجه.
ـ بريمة كتب اسمه بحروف من ذهب في سجلات كرة القدم السودانية والأفريقية ورفع راية السودان عالياً في المحافل القارية قبل أن يرحل عن الدنيا في 23 أبريل 2023 بعد أسبوع واحد فقط من اندلاع الحرب في البلاد وكأنه لم يشأ أن يرى الوطن الذي أحبه وهو يمزق بفعل نيران السياسة الذي طالما رفع رايته وتغنى بنشيده الوطني باسم الرياضة.
ـ ولد حامد بريمة في حي الصحافة منبع النجوم ذاك الحي العريق الذي أهدى الكرة السودانية العديد من الأفذاذ في كرة القدم حيث برزت أسماء على سبيل المثال لا الحصر مثل سعد زكريا والراحل هاشم عز الدين الذي انتقل إلى رحمة الله قبل أيام بالقاهرة وعادل العوني والتاج محجوب وبكري علد الجليل وعبد المجيد جعفر وغيرهم من اللاعبين الذين كانوا من أبرز نجوم الكرة العاصمية والسودانية قاطبة. بدأ بريمة مسيرته الكروية كحارس مرمى شاب يتميز بطول القامة والمرونة الكبيرة مما لفت الأنظار إليه سريعاً ليتجه لأحد طرفي القمة السودانية ويصبح الحارس الأساسي لنادي المريخ والمنتخب السوداني.
ـ عندما غادر حارس المريخ الطيب سند إلى الإمارات وجد بريمة نفسه في منافسة قوية ليكون الحارس الثاني خلف الهادي سليم لكنه سرعان ما أثبت جدارته وأصبح الخيار الأول لحراسة مرمى المريخ ومنذ تلك اللحظة لم ينظر إلى الخلف بل واصل تحطيم الأرقام وإبهار الجماهير بمستوياته الاستثنائية ومهاراته الفذة في حراسة المرمى.
ـ شهدت مباراة كأس دبي الذهبي أمام الزمالك المصري واحدة من أعظم لحظات بريمة حيث تصدى لركلتي جزاء وسجل بنفسه الركلة الحاسمة ليقود المريخ للفوز على فريق مصري كان يعج بالنجوم وهذه المباراة عززت من مكانته كأحد أعظم الحراس وبلا شك هو من ضمن أعظم حراس المرمى تاريخ السودان وأفريقيا.
ـ بريمة أفضل حارس مرمى في أفريقيا في عصره حيث تم اختياره ضمن أفضل عشرة لاعبين أفارقة من قبل مجلة فرانس فوتبول العالمية.
ـ تم اختياره ضمن منتخب العرب كأفضل حارس مرمى وهو إنجاز لم يحققه إلا القليل من الحراس الأفارقة.
لقبه الصحفيون التونسيون بـ(صقر أفريقيا) بعد أدائه البطولي في مباراة المريخ أمام الترجي التونسي التي انتهت بفوز المريخ 2-1.
الصحافة الكينية وصفته بـ(القط) لما يتمتع به من مرونة وخفة في التصدي للكرات الصعبة.
ـ أمضى بريمة 14 عاماً في حماية عرين المريخ ومنتخب السودان مقدماً أداءً ثابتاً وراسخاً جعل منه أحد أعمدة الفريق.
ـ عمل مدرباً لحراس المرمى في نادي الوكرة القطري حيث نقل خبرته للأجيال القادمة.
ـ لم يكن بريمة مجرد حارس مرمى بل كان لاعباً متكاملاً بمهارات فنية مذهلة وفي دورات ومهرجانات حي الصحافة كان يلعب كمهاجم أو لاعب وسط ويمتاز بسرعة فائقة ومراوغات مدهشة مما جعله محط إعجاب الجميع ولم يكن هناك منازع له في التحكم بالكرة وكان يضاهي المهاجمين في دقة التصويب على المرمى.
ـ بعيداً عن المستطيل الأخضر كان حامد بريمة شخصية استثنائية بكل ما تحمله الكلمة من معنى لا تفارق الابتسامة وجهه وكان رجلاً ودوداً مرحاً كريماً حاضراً في كل المناسبات مشاركاً في الأفراح والأتراح محبوباً من الجميع. لم يكن مجرد نجم كروي بل كان نجماً في المجتمع السوداني بأسره.
ـ الهلالاب أحبوه قبل المريخاب رغم أنه حرمهم من الانتصارات فقد كان الصخرة التي تتحطم عليها آمال الهلالاب في كثير من المباريات إلا أن جماهير الهلال كانت تكن له احتراماً كبيراً ووداً خاصاً فقد كان خصماً شريفاً رياضياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ولم يكن يوماً مثيراً للجدل أو طرفاً في أي صراعات خارج الملعب فهو الأقرب لقلوب جماهير الهلال من بين كل لاعبي المريخ.
ـ بريمة كان صاحب طرفة وروح مرحة ومن المواقف الطريفة التي ارتبطت به قصة ضياع دبلة مصطفى النقر خلال إحدى دورات شرق ووسط إفريقيا للمنتخبات عام 1979. في تلك البطولة كان أداء المنتخب سيئًا للغاية حيث حقق نتائج مخيبة وتذيل الترتيب كما تلقى هزيمة قاسية أمام تنزانيا بنتيجة 4-0 تحت قيادة المدرب هاشم ضيف الله رحمه الله وخلال إحدى المباريات فقد مصطفى النقر دبلة خطوبته فقرر العودة إلى أرضية الملعب بعد نهاية اللقاء برفقة حامد بريمة والجيلي عبد الخير وهواري للبحث عنها. توجه النقر والجيلي مباشرة إلى منطقة الجزاء للتفتيش هناك لكن حامد بريمة لم يفوت الفرصة لإطلاق تعليق ساخر فنادى عليهم قائلاً (هوي يا جماعة ..! إنتو بتفتشوا الدبلة وين ..؟! تعالوا فتشوا هنا في نص الميدان إنتو أصلاً ما دخلتو خط 18 عشان تفتشوا في الصندوق ..!)
ـ رحل حامد بريمة في صمت تام ورحيله كان خسارة فادحة لكرة القدم السودانية التي فقدت واحداً من أعظم حراسها عبر التاريخ.
ـ حامد بريمة أسطورة من الصعب ان تتكرر فهو لم يكن مجرد حارس مرمى بل كان أيقونة كروية وأحد أعمدة الكرة السودانية واسمه سيظل خالداً في ذاكرة عشاق الكرة فقد كان آخر أساطير الحراسة في السودان ويستحق تاريخه تدويناً مستقلاً في سفر خاص يخلد إنجازاته وبطولاته في معلقات ومجلدات.
رحم الله حامد بريمة وجعل مثواه الجنة.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد