صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

المرأة السودانية.. جبل ما بهزو الريح

28

هلال وظلال
عبد المنعم هلال

المرأة السودانية.. جبل ما بهزو الريح

ـ يمر علينا يوم المرأة العالمي 8 مارس ونساء السودان عايشت في جحيم الحرب مشردات في المنافي ولاجئات في بلاد بعيدة وغريبة بعيدات عن بيوتهن وأهلهن الأم مفجوعة في أولادها والأخت متحسرة على أخوانها والبنت حالمة بوطن يرجع ليها الأمان وبدل ما يحتفلن بحقوقهن وإنجازاتهن قاعدين يكافحن عشان البقاء وعشان يلاقن لقمة العيش وسقف يأويهن الله يكون في عونهن.
ـ الحرب ما بتفرق بين زول وزول لكن الحقيقة المرة إنها بتقع تقيل على كاهل النساء وبتضاعف معاناتهن أكتر من أي زول تاني.
ـ المرأة السودانية اللي كانت شايلة هم بيتها وأولادها في السلم لقت نفسها فجأة في معركة ما اختارتها بين فقدان المأوى وضل البيت وفقدان الزوج أو الابن أو الأب أو حتى الأم وبين مسؤولية تربية الصغار في وسط الخراب والدمار.
ـ لكن لو في زول داير يعرف معنى الصبر والقوة يشوف النسوان السودانيات الواحدة منهن فقدت عائلها وفقدت أقرب الناس ليها ولقت روحها مسؤولة عن بيت كامل بدون سند ولا معين ورغم كدا وقفت شامخة زي الجبل.
ـ في بلد الحرب فرقت ناسها النسوان حاولن يخلقن استقرار وسط الفوضى يعلمن أولادهن رغم ضيق الحال ويوفرن لهم الأمان رغم الخوف المرسوم في عيونهن.
ـ لمن الحرب دي قامت لم يكن أمام كثير من النساء إلا خيار النجاة بأطفالهن مهما كانت التكلفة بعضهن مشين (كداري) لأيام وبعضهن عبرن الحدود بمشقة بحثاً عن ملجأ آمن حملن أطفالهن على ظهورهن وقلوبهن مثقلة بالخوف والقلق لكن رغم ذلك لم يفقدن الأمل.
ـ في مصر وتشاد وجنوب السودان وإثيوبيا ويوغندا أو حتى في دول الخليج ودول أبعد وصلت الأمهات السودانيات بوجوه متعبة وأياد خاوية لكن بقلوب مليئة بالإصرار لم ينتظرن المساعدات أو العطف بل انطلقن فوراً للعمل بحثاً عن لقمة تسد رمق أطفالهن وبيئة تمنحهم فرصة للعيش مثل أقرانهم في الدول المستضيفة.
ـ في أسواق النزوح بالولايات الآمنة بتلقى الأم السودانية واقفة وسط الرجال والغبار تبيع شاي ولا شوية خضروات ولا فول عشان تعيش عيالها.
ـ في المدارس البديلة بتلقى الأم ماسكة كراسة ولدها في الليل وفي ضوء شمعة تذاكر ليهو بالحروف البسيطة وتراجع ليهو دروسو عشان ما يحس بالنقص وسط أقرانه.
ـ في الملاجئ والمعسكرات بتلقى النساء عاملات بكل همة ونشاط كأن الحرب ما مرت يطبخن ويساعدن بعض ويضحكن رغم القهر كأنهن يقلن للحرب وللظروف القاسية والأيام السوداء (ما حتقدروا تكسرونا).
ـ المجتمع السوداني ظل دايماً يعتمد على المرأة في أحلك الظروف لأنها ببساطة (أساس البيت) وقلبه النابض ووسط الحرب أكدت المرأة السودانية إنها القوة الحقيقية وإنها آخر خط دفاع ضد الانهيار التام.
ـ لكن هل يكفي الصبر والكفاح ..؟ لا .. النسوان ديل محتاجات لوقف الحرب محتاجات للسلام محتاجات للدعم محتاجات لمجتمع يفهم إنه ما ممكن تترك المسؤولية كلها فوق كتفهن وإنه لازم يكون في حل سياسي ينهي المعاناة ويخلق واقع أفضل ليهن ولأولادهن.
ـ المرأة السودانية اليوم هي الأم والأب والمعلم والسند وهي الشمعة الما بتنطفي وسط العتمة تستاهل كل الاحترام وتستاهل بلد يليق بصبرها وتضحياتها.
ـ تحياتي ليكن في يوم المرأة العالمي وانتن للأسف ما في يومكن ..! المفروض يكون يوم فرح واحتفال لكن الواقع غير فالحرب شتتكن واللجوء سرق البسمة من وجهكن لكن رغم الألم الوطن في انتظاركن انتن الصامدات المكافحات اللي مهما الدنيا ضاقت بتخلقن الأمل من العدم التحية ليكن وين ما كنتن وربنا يبدل الحال ويجبر الخاطر.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد