صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

حكاية مجتمع متشاكس وحريق ابونعامة

60

افياء

ايمن كبوش

# لم يفاجئني ما جرى لمشروع أبو نعامة.. بدأت الحرب كلامية.. والحرب أولها كلام.. وانتهت إلى حريق موجع ومفجع يعبر تماماً عن حالة التشاكس التي يعيشها مجتمع “ولاية سنار” بلا استثناء.
# وسنار رغم ما فيها من تباين قبلي، وتعايش يبدو سلمياً، إلا أن هذه الولاية ظاهرها يخالف باطنها، وقد أثبت مجتمعها، بالدليل، أنه مجتمع متشاكس لا تجدي معه المصالحات ولا الجودية ولا التعايش السلمي، ربما سعت الإنقاذ منذ أيامها الأولى إلى زرع هذه الفتنة، فقامت بصناعة أولئك الروافض الذين لا يعرفون غير كلمة لا.. لا لوجود حاضرة الولاية في سنجة، لأن أهل سنجة يكرهون كل ما هو سناري، لا لوجود أي كليات لجامعة سنار في سنجة.. لأن أهل سنار يكرهون كل ما هو سنجاوي.. تمت تغذية هذه الخلافات والحكومة تنفخ في النار بالتصريحات المستفزة، لدرجة أن والياً مثل أحمد عباس لم يجد حرجاً في أن يقول في تصريح رسمي: “أسباب تدني اللغة العربية في شهادة التعليم الأساسي هم الفلاتة”.. قالها هكذا دون أن يتلفت الرجل لذلك، لم يستح أحد أمراء الحركة الإسلامية “الفلاتي” من أن يعاير أخيه “النوباوي” بجنسه.. فيذهبا معاً إلى المحكمة التي تحولت إلى قضية جهوية اقتربت من إعادة إنتاج حرب داحس والغبراء بين القبيلتين.
# هذا الاستقطاب الحاد الذي تبنته الحكومة في بواكير الإنقاذ، جعل من الاستثمار في أراضي سنار الشاسعة الواسعة، نوع من الجنون، والباب مفتوح لمن يريد أن يرسل أمواله للريح المسافرة مع الغيوم، لا يكفي أن تحصل على تصديق من حكومة الولاية أو إدارة الاستثمار.. ولا يكفي أن تأتي بالبذور المحسنة والآليات الحديثة والرجال والعمال لكي تكسب وتنهض، ولكن يكفيك أن تأتي بـ”الفكي الكارب” الذي يعطيك الأحجبة و”يحوط” لك الأرض ويصد عنها الهجمات، هذا “الفكي الكارب”، في حقيقة الأمر، هو أن ترضى عنك مكونات المنطقة التي تريد أن تزرع فيها لتعطيك التصديق النهائي الذي يمكنك من الاستثمار الآمن، أما خلاف ذلك فعليك أن تنتظر نشاف الريق والحريق.
# ذات لقاء توعد الوالي أحمد عباس بعض المكونات السنارية بأنه سيحول لهم هذه المدينة إلى قرية، لأن بعض الناس يشاكسونه ويطاردونه بما يعكر الصفو، وقد صدق في وعده، هناك بعض المكونات السنارية، ابن فلان وجده علان، تعتقد أنها صاحبة الحظوة في الشورى وفي تنفيذ أي قرار، وهي تتعالى على أن اقتصاديات سوق سنار يتحكم فيها ذلك الإنسان القادم من الشرق، من ود العباس وغرسلي وحلمي عباس ودوبة والشريف بجبوج، بينما اكتفى فلاسفة سنار بمطالعة رواية “حشاش بي دقنو” لا يعملون ولا يتركون أحداً يعمل.. مهنتهم التشاكس وصنعتهم “لا الناهية”.
# لي تجربة شخصية في الزراعة في مشروع الرماش الزراعي، عشرون فداناً زرعناها بالخضروات مرة، وبالسمسم والذرة مرة ثانية، ولكن في الحالتين ضعنا، تارة بإغراق الأرض بالمياه لكي يفسد الزرع، وتارة أخرى بإدخال المواشي لتقضي على الأخضر واليابس، وعندما سألنا عن العمل، قالوا لنا بلا تردد، شاركوا أهل المنطقة.. وقد كان.
# فات على الحاج “معاوية البرير” أن يدرك أن “الفطام” قاسٍ وصعيب ويقود أحياناً كثيرة إلى الحريق، كان الأوفق له أن يعمل من أجل تنمية مستدامة وواضحة في قرية “قنوفة” وما جاورها من القرى التي أراد أن يستثمر فيها بإقامة المدارس وتشييد المراكز الصحية والأندية الشبابية والمساجد، بدلاً من ذلك الاختيار الصفوي الداعم لبعض الرموز التي لا تشبع ولا تستحي.. متى جاعت جاءك مثل هذا الحريق.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد