صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

وزير الصحة.. (كل فايروس ندوسو دوس)

35

على كل

محمد عبدالقادر

وزير الصحة.. (كل فايروس ندوسو دوس)

أشفقت على أهل بلدي، الأصحاء منهم والمرضى، وأنا استمع إلى وزير (صحتنا) الناشط أكرم التوم أمس الأول بمزيد من الحزن والأسى على ما ينتظر العباد وما آل إليه حال البلاد.
قزم الوزير أكرم من شأن الكورونا في مواجهة (القدرة الثورية) لقوى الحرية والتغيير، أعلن في تصريح مخجل أن حكومته التي ( قدرت على الرئيس عمر البشير لن يهزمها فايروس كورونا الصغير).
لا أدري ما هو وجه المقارنة بين البشير وفايروس كورونا أصلاً سياسياً وبيولوجياً، ولماذا يستدعيها والبلاد تحتاج إلى رأي علمي وخارطة صحية احترافية تقودها إلى نهايات آمنة أو تخرجها بأقل الخسائر من جحيم (كورونا) الوباء الذي أوقف الحياة في العالم تماماً؛ أغلق (كورونا) الحدود وألغى الفعاليات والمؤتمرات العالمية والتجمعات وأسواق السياحة، علق الرحلات الجوية، وألغي صلوات الجماعة والعمرة، وأغلق المدارس والجامعات وعطل دوريات كرة القدم والبطولات المعلنة، واحتجز العالم في هاجس الفايروس الذي يراه أكرم صغيرًا.
لم يسمع الوزير الذي يصر على أن يكون ناشطاً ثورياً عن تداعيات كورونا التي حبست أنفاس العالم وأدخلته في ( كرنتينة) و( فتيل)، كل ما يعلمه أنه وزير جاءت به ثورة اقتلعت البشير فكيف ستهزمه (الصغيرة كورونا) .
هاتفني أحد الصحفيين العرب متسائلاً عن صحة ما نسب للوزير، تملكني الخجل كذلك والرجل يسألني عن الاحترازات الثورية التي وضعها الوزير السوداني لإلقاء القبض( على فايروس كورونا) في سجن كوبر برفقة الرئيس المعزول وربما تقديمه للمحاكمة بتهمة (تجارة العملة).
أكرم التوم حارس بوابتنا الصحية ما زال يتعامل بعقلية الناشطين في مواجهة تحديات تستلزم اليقظة الاحترافية في إدارة شؤون الدولة والتخلص من الانتماءات البغيضة، واستلهام تجارب الآخرين في التعاطي مع المرض بما يلزم من حرص وتدابير. أراد أكرم أن( يشتت الكرة)، ويدغدغ مشاعر الثوار بهدف التهرب من مسؤولياته الأساسية واستغلال الوباء في تعمية أنظار الناس عن حقائق الواقع المريرة فربط الكفاح ضد كرونا بالنضال الثوري في مواجهة البشير. لم يفهم أكرم، ولعله لم يقرأ بعد، عن تأثيرات الكورونا التي حاصرت العالم وأدخلته في حالة طوارئ. حقائق لا تقبل التعامل معها بعقلية الناشطين ولا تجدي معها آليات الحسم الثوري، صدقوا أن كرونا التي يراها الناشط اكرم صغير فعلت الاتي:
في الصين: أصابت ٩٠ ألفاً وقتلت أربعة آلاف مواطن بينما يوجد في الحجر الصحي 65 مليون مواطن؛ ضعف تعداد سكان السودان تقريباً. الخسائر المادية بلغت أكثر من 172 مليار دولار. في إيطاليا توفي أكثر من ألف وأصيب عشرات الآلاف جراء الإصابة بالمرض. أمريكا سيدة العالم أعلنت حالة الطوارئ ، وتم اعتماد خمسين مليار دولار لمواجهة المرض وتم إغلاق المطارات..
إيران سجلت أكثر من (12) ألف مصاب مات منهم قرابة الألف مواطن. ألمانيا أعلنت أن المرض سبصيب 60 إلى 70% من السكان. رئيس وزراء بريطانيا أعلن أن المرض ينتشر وأعلن بأسىً بائن أن كثيراً من الناس سيفقدون أحباءهم.. العالم يقف على أطراف أصابعه عاجزًا عن إيجاد علاج للمرض الذي أعيى الطبيب المداويا لكنه بالنسبة لأكرم مثل اقتلاع البشير. أوروبا اعتمدت 54 مليار دولار لإيجاد لقاح، البورصات انهارت بالكامل ، تراجع النفط وخسائر العالم ستصل إلى ترليون دولار، بسبب الكورونا التي يراها وزير الصحة ( صغيرة) ويواجهها بشعار كل (فايروس ندوسو دوس).
ترى ما هي استعدادات أكرم لـ(مواجهة كورونا)؟ وكم اعتمدت الدولة لهزيمة المرض وتحقيق الوقاية المطلوبة عبر إجراءات الحجر والعزل المطلوب وفقًا للمعايير العالمية؟ أتقدم بأسئلتي لأن وزير الصحة طالب الجيش بإنشاء معسكرات لمواجهة كورونا ، ونعى المستشفيات والخدمات الطبية، رافعاً شعار( كل فايروس ندوسو دوس).

اليوم التالي

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد